خلال الزيارات السنوية المنتظمة لفريق شق الشفة، سوف يتابع اختصاصي تقويم الأسنان الحالة لتحديد أفضل وقت لبدء علاج تقويم الأسنان لطفلك.
د. فوزي القطامي
الدبلوم الأمريكي في تقويم الأسنان
وزارة الصحة - الكويت
خلال الزيارات السنوية المنتظمة لفريق شق الشفة، سوف يتابع اختصاصي تقويم الأسنان الحالة لتحديد أفضل وقت لبدء علاج تقويم الأسنان لطفلك. وكما أوضحنا سابقًا، فإن كل حالة فريدة وتختلف عن الأخرى، ومن ثم يختلف وقت البدء في كل حالة.
في حال احتاج طفلك إلى تطعيم العظام الداعمة للأسنان، يجب أن يكون قد استكمل هذا الإجراء بحلول هذا الوقت. تلعب عدة عوامل دورًا في تحديد موعد بدء العلاج التقويمي. ويعد العامل الأول هو وجود أسنان الطفل (الأسنان الدائمة)، وهو ما نطلق عليه تحديد العمر عن طريق الأسنان، وليس العمر بعدد السنين. حيث نسعى عادة إلى بدء العلاج التقويمي قبل سقوط آخر سن للطفل في الفك السفلي. وعادة ما يكون هذا السن هو الضرس الطاحن الثاني. يرجع السبب في ذلك إلى اختلاف الحجم بين سن الطفل هذا وبين السن الدائم النامي تحته. ويبلغ متوسط الاختلاف 2.5 ملم على كل جانب، أيْ 2.5 ملم على الجانب الأيمن و2.5 ملم على الجانب الأيسر، بمجموع 5 ملم. ويعد هذا المعدل مهمًا للغاية ويمكننا أن نستفيد منه في حالة وجود ازدحام في أسنان الفك السفلي، بل يمكن أن يغير ذلك خطة علاجنا وينقلنا من الحاجة إلى خلع بعض الأسنان إلى خطة لا تتضمن الخلع. ومن ثم، فإن العمر السني وليس العمر العددي هو أحد العوامل المهمة والحاسمة في تحديد موعد بدء العلاج النهائي.
أما العامل الثاني المهم، فهو وجود أي سن أو أسنان منحشرة أو غير ظاهرة لوجود عائق. كما ناقشنا سابقًا، قد يتطلب علاج هذه المشكلة تدخلاً مبكرًا في عمر أصغر. ومع ذلك، في حالة بزوغ السن المنحشر أو مجموعة الأسنان المنحشرة في مرحلة عمرية ملائمة، يمكننا دمج هذا التدخل العلاجي مع مرحلة العلاج التقويمي النهائي في مرحلة واحدة.
أما العامل الثالث المهم، فهو نمو الفك العلوي والسفلي. وكما أوضحنا سابقًا، إذا كان هناك نسيج تالف في سقف الحلق (سقف الفك العلوي)، فسيعمل ذلك على الحد من نمو الفك العلوي أو إبطائه، إذ سيعمل النسيج الندبي كحزام مطاطي يعيق النمو الطبيعي للفك العلوي أو يبطئه. وقد يؤدي ذلك إلى اختلاف بين موضعي الفك العلوي والسفلي. وعلى هذا النحو، قد يستمر نمو الفك السفلي بطريقة زائدة ويسبب اختلافًا بين الفك العلوي والسفلي. ويتمثل دور اختصاصي تقويم الأسنان خلال الفحص السنوي من عمر 7 سنوات فصاعدًا في مراقبة النمو واقتراح الخيارات المناسبة للطفل. وفي الفترة الحالية، في الحالات التي يكون فيها الاختلاف بين الفكين اختلافًا طفيفًا، قد يكون علاج تقويم الأسنان وحده كافيًا لإصلاح وضعية الأسنان وانتظامها. وتحدث هذه المرحلة في المتوسط في سن 12 عامًا عادة. وفي الوقت نفسه، سيخضع جسم طفلك لتغيرات فسيولوجية سوف تضيف عوامل أخرى إلى مزيج العوامل التي تؤثر في النمو؛ وهو ما يعرف بسن البلوغ.
يُحدث البلوغ تأثيرًا كبيرًا في نمو الفك السفلي، خاصة أن هذه المرحلة مصحوبة بنمو عام كبير في جميع العظام في الجسم. وفي المتوسط، تصل الفتيات عادة إلى سن البلوغ (11-13 عامًا) قبل الفتيان (12-14 عامًا). ورغم هذه الوتيرة السريعة التي يحدث بها النمو في جسم طفلك، يكون الفك السفلي عادة هو آخر عظمة تتوقف عن النمو.
ولا شك أن لهذه الحقيقة أثرًا بالغًا على الدور الذي نقوم به باعتبارنا اختصاصيي تقويم أسنان. فإذا كان طفلك يعاني بالفعل من اختلاف بين موضع الفك العلوي والسفلي قبل سن البلوغ، يُحتمل أن يزداد الأمر سوءًا بعد البلوغ وقد لا يحدث ذلك! ويعتمد الأمر كله على حجم النمو الذي سيحدث. وفي هذه المرحلة، قد يطرح بعض الوالدين السؤال: "ألا تستطيعون إبطاء النمو أو إيقافه؟" والإجابة البسيطة عن هذا السؤال هي "لا". فكر للحظة في ولد صغير من المتوقع أن ينمو بطول مترين، فلا يمكن وقف نموه عند متر و70 سم. وبالطريقة نفسها، لا يمكن وقف نمو الفك السفلي. وفي بعض الأحيان، خلال مرحلة مبكرة، قد يستخدم اختصاصي تقويم الأسنان بعض الأدوات لتسريع النمو أو تغيير موضع الفك العلوي، بهدف تقليل الاختلاف.
وفي الحالات التي تشهد اختلافًا كبيرًا بين الفكين، والتي لا يمكن علاجها باستخدام تقويم الأسنان وحده، يتم إجراء تدخل آخر هو التدخل الجراحي لتغيير موضع أحد الفكين؛ إما الفك العلوي أو الفك السفلي أو كليهما. وهو ما نطلق عليه اسم تقويم الأسنان الجراحي.